آخر الاخبار

5 2021/02/01
إعادة تدوير النفايات البلاستيكية وفرص التنمية المستدامة في الدول العربية

يلعب البلاستيك دوراً هاماً في تنمية الاقتصاد العالمي، إلا أن أحد أهم سلبيات استخداماته أنه لا يتم استغلاله الاستغلال الأمثل، ومعظمه يستخدم لمرة واحدة فقط، ويُفقد حوالي 95 % من البلاستيك ذو الاستخدامات قصيرة الأجل، وهو ما يعني خسارة ما قيمته 80-120 مليار دولار سنوياً من الاقتصاد العالمي. بالإضافة إلى التكلفة المرتبطة بانبعاثات الغازات الملوثة للبيئة الناتجة عن إنتاج البلاستيك، والتي قدرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة "UNEP" بنحو 40 مليار دولار أمريكي سنوياً، تمثل هذه التكلفة ما يتجاوز ربح صناعة البتروكيماويات في المستقبل، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القيمة مع النمو القوي لحجم الإنتاج العالمي، والذي بلغ نحو 2200 مليون طن سنوياً في عام 2019. تهتم دول العالم المتقدمة اهتماما متزايداً بالقضايا البيئية الناشئة عن التلوث البيئي بالنفايات البلاستكية.

وفي هذا الصدد صدر مؤخراً تقرير في أغسطس/ اَب 2020، من مؤسسة " أي اتش إس ماركت" IHSMarkit، تحت عنوان "إعادة التدوير الكيميائي للنفايات البلاستيكية - فرص عمل جديدة لدول الخليج العربي"، وقد أكد التقرير الصادر على ما جاء في دراسة أصدرتها الأمانة العامة في يونيو / حزيران 2020، وأعدها الدكتور/ ياسر بغدادي، تحت عنوان " إعادة تدوير النفايات البلاستيكية: فرص استثمارية وحلول بيئية". حيث أشار التقرير إلى أن دول الخليج العربيبرزت كمورد عالمي رئيسي للمنتجات البلاستيكية الاستهلاكية على مدى الثلاثة عقود الماضية، مدفوعةً بميزة انخفاض تكلفة المواد الخام الأولية اللازمة للإنتاج، واستخدام أحدث التكنولوجيات العالمية للإنتاج على النطاق التجاري، وبطاقات إنتاجية مرتفعة.

أكد التقرير أيضاً على ما جاء في الدراسة من حيث وجود بعض المبادرات في بعض الدول العربية للحد من استهلاك المواد البلاستيكية وخاصة المنتجات ذات الاستخدام الواحد إلا أنها لاتزال أقل من المطلوب تحقيقه، مقارنة مع الكميات الكبيرة من النفايات البلاستيكية والتي يتم التخلص منها بشكل عشوائي مسببة أضرار بيئية جسيمة.  خاصة وأن معظم الدول العربية تعاني من عدم وجود سياسات واضحة ومحددة فيما يتعلق بمنظومة الجمع والتصنيف والفرز للنفايات البلاستيكية، وهي أهم المراحل اللازمة لتحقيق الإدارة الاَمنة للنفايات البلاستيكية، وأنه على الرغم من أن هناك لوائح في العديد من الدول بشأن المواد والنفايات البلاستيكية، فإن تطبيق هذه اللوائح يظل ضعيفاً، هذا وتشير تقارير عالمية إلى أن التغيرات البسيطة في سياسة استخدام البلاستيك، من شأنها إحداث فارق كبير لصالح البيئة.

أشار التقرير إلى أن معدلات استهلاك البلاستيك في دول منطقة الخليج العربي منخفضة بشكل كبير وتبلغ نحو 6 %، وهي معدلات منخفضة للغاية مقارنة بمعدلات الاستهلاك العالمي.  وهذا يعني وجود سوق إقليمية تبلغ كميات استهلاكاتها سنوياً نحو 17 مليون طن، إذا تم اعتبار تركيا ضمن هذه السوق الإقليمية، وهو ما يستلزم الحاجة إلى استراتيجيات لإدارة النفايات البلاستيكية للتخلص الاَمن من النفايات البلاستيكية عن طريق إعادة تدويرها ميكانيكياً أو كيمائياً، والسعي إلى تقليل التخلص من كميات النفايات البلاستيكية بطرق الطمر أو الحرق التقليدية. كما أكد التقرير أن التشريعات في العديد من دول العالم، وخاصة في دول الاتحاد الأوروبي، تضع أهدافًا صارمة، لدفع جهود إعادة التدوير، لا يحققها التدوير الميكانيكي نظراً للقيود الفنية. يمكن إعادة تدوير العديد من البوليمرات بالطرق الميكانيكية وإعادة استخدامها أو دمجها أو تحويلها إلى ألياف للأقمشة، وبهذه الطريقة يتم إعادة استخدام النفايات البلاستيكية بعد معالجتها. لكن مع استمرار إعادة التدوير الميكانيكي لعدة مرات، فإن أحد أهم التحديات الرئيسية هو وجود مجموعة محددة من التطبيقات التي يمكن أن تستخدم البلاستيك المعاد تدويره بهذه الطريقة، نظراً لانخفاض جودته وخواصه الأدائية. لذا فإن عدد مرات التدوير الميكانيكي للنفايات البلاستيكية معدودة ومحدودة، ومن أجل تلبية أهداف إعادة التدوير التي تفرضها التشريعات، فإن إعادة التدوير الميكانيكية وحدها غير كافية.

لذا فمن المتوقع أن تلعب طرق التدوير الكيميائي دورا ً بارزاً في استراتيجيات إعادة التدوير المستقبلية، ضمن مفهوم الاقتصاد الدائري "التدويري"، لاستعادة أكبر قدر ممكن من هذه النفايات، وإعادة استخدامها مرة أخرى كمواد خام أولية في سلسلة توريد البتروكيماويات.سلط التقرير الضوء على تقنيات إعادةتدوير النفايات البلاستيكية والمعالجة بالطرق الكيميائية، وشملت كل من طرق الانحلال الحراري، والتغويز "Gasification"، وإزالة البلمرة الكيميائية "Depolymerization"، والتكسير الحفزي والإصلاح CatalyticCracking andReforming.  حيث تتميز الطرق الكيميائية بإمكانية تحويل النفايات البلاستيكية إلى موادها الكيميائية الأولية مثل المونيومرات، والأوليغومرات "Oligomers"، والهيدروكربونات العالية، والتي يمكن استخدامها مره أخرى في إنتاج البلاستيك الجديد، أو ما يطلق علية البلاستيك " البكر" Virgin .Polymers

خلص التقرير إلى أن هناك العديد من الفرص للشركات والبلديات في دول مجلس التعاون الخليجي، والشرق الأوسط، لاستغلال الحلول التكنولوجية المختلفة لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية، وأن العديد من تقنيات الانحلال الحراري، مرخصة بالفعل، ولكن طاقتها الإنتاجية صغيرة نسبياً، وفي حدود عشرات الاَلاف من الأطنان سنوياً. كما أن هناك جهد عالمي مستمر لتطوير التقنيات لمواجهة تحديات إدارة النفايات البلاستيكية في المستقبل.  وجاري العمل باستمرار لتحسين القابلية للتوسعات في الطاقات الإنتاجية، كما تقوم بعض الشركات، بتطوير تقنيات لتحويل نفايات البلاستيك إلى أوليفينات، أو مواد عطرية.

ويسعد الأمانة العامة لمنظمة أوابك أن تعيد تسليط الضوء على أهمية موضوع إعادة تدوير النفايات البلاستيكية لما فيه من فوائد استثمارية وبيئية، وإبراز أهميته سعياً لإتاحة الفرصة أمام الدول الأعضاء وباقي الدول العربية للاستفادة مما تضمنته الدراسة، وما أكد علية التقرير المذكور في توفير فرص استثمارية للدول العربية